عدد المساهمات : 170 نقاط : 455 تاريخ التسجيل : 04/01/2010 الموقع : صاحبه الموقع
موضوع: الخلايا الجذعية أمل الطب الحدييث !!! الأربعاء مارس 03, 2010 5:40 pm
الخلايا الجذعية
شلال متدفق من الإنجازات
إن من يتابع اكتشافات العلم وتطوره في مجال الطب يقف مشدوها أمام التقدم الهائل الذي وصل إليه الطب الحديث. فقد مر الطب بمنعطفات حادة معظمها كان مجرد مصادفة بحتة غيرت الكثير من المفاهيم لدى الباحثين والأطباء والمرضى.
في السنوات الأخيرة مر الطب بأحد أهم المنعطفات الحادة ألا وهو منعطف الخلايا الجذعية التي يمكن إطلاق عليها لقب الخلايا الذكية لما تملك من قدرة لا محدودة تبشر بمرحلة جديدة لعلاج الأمراض كحجر أساس لمايسمى بالطب التجديدي.
غير أن التحديات العلمية الكبيرة والمخاوف الأخلاقية وحتى السياسية أبطأت تقدم أبحاث الخلايا الجذعية لأكثر من عقد .. . ولكن ساهمت سلسلسة من الإنجازات المدهشة في تقدم هذا المجال العلمي.. بحيث أصبح بامكان حفنة من الجينات تحويل خلية بشرية بالغة الى خلية قادرة للتحول الى اي نوع من خلايا الجسم البشري.
الخلايا الجذعية
هي مصدر خلوي لطاقة متجددة داخل الجسم تمده بخلايا جديدة كلما دعت الحاجة ، كما يمكن تحفيزها في حالات معينة (مخبريا) لانتاج خلايا ذات مواصفات خاصة قد تحل محل الخلايا الميتة.
Reduced: 62% of original size [ 642 x 482 ] - Click to view full image
الخلايا الجذعية نوعان:
. خلايا جذعية جنينية وهي الخلايا التي تستخرج من بويضة ملقحة تبلغ من العمر خمسة أيام.
. خلايا جذعية بالغة وهي الخلايا التي تستخلص من مناطق مختلفة من الجسم مثل الحبل السري والنخاع العظمي والجلد والعظام والعضلات.
تتميز الخلايا الجذعية الجنينية بخاصيتين مدهشتين ميزتاها عن الخلايا البالغة وجعلتاها الأكثر فائدة من الناحية الطبية: أولا: أنها وافرة القدرة اي يمكنها أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا المتخصصة في الجسم .
ثانيا : أن لديها القدرة على الانقسام المتواصل وصنع نسخ لا متناهية من نفسها .
ولكنها للأسف تتضمن سلبيتين:
أولاهما: التحفظات الأخلاقية نظرا لانها تتضمن اتلاف بويضات ملقحة لانتاجها. ثانيهما: أنها تتضمن خطر رفض جهاز مناعة المريض لها مما يتطلب علاجات قد تكون سامة لكبت جهاز المناعة.
ومن هنا نشأت تقنية الاستنساخ العلاجي لتفادي رفض جهاز المناعة وهي نفس تقنية الاستنساخ التكاثري ولكن لا تهدف إلى انتاج كائن حي كامل كما تم بأول عملية استنساخ تكاثري للنعجة دوللي بل للحصول على خلايا جذعية جنينية مستنسخة من المريض لاستخدامها في علاجه.
Reduced: 73% of original size [ 541 x 301 ] - Click to view full image
وتتم هذه التقنية بنزع نواة خلية بالغة من الشخص المريض وحقنها في بويضة منزوعة النواة ومن ثم تنشيطها للانقسام مخبريا بواسطة التحفيز الكيميائي او الصعق الكهربائي وتحضينها لانتاج بويضة محفزة ومن ثم استخراج الخلايا الجذعية الجنينية المستنسخة منها وتحفيزها لتكوين خلايا بديلة للخلايا المصابة لدى المريض دون الخوف من مشاكل جهاز المناعة لديه.
البداية
بدأت الأبحاث فى مجال الخلايا الجذعية على يد العالمين الكنديين إرنست ماكولوتش و جيمز تل ، و ذلك فى الستينيات من القرن الماضى. وقبل أكثر من عقدين من الزمن ظهر نجاح أولى المحاولات العلمية للحصول على الخلايا الجذعية المستخلصة من فئران التجارب وتنميتها في المختبر وبعد ذلك توالت النجاحات والأنجازات التي لا حصر لها.
انجازات تحققت .. وأخرى على الدرب
جائزة نوبل والخلايا الجذعية
حصل الأمريكيين مرايو كابتشي وأوليفر سميثيز والبريطاني مارتين ايفينز على جائزة نوبل في الطب لعام 2007 وذلك تكريما لهم لأبحاثهم التي أثبتوا فيها أن الخلايا الجذعية الجنينية لديها القدرة على التحول إلى أي نسيج بشري ، وأكدوا أهميتها في دراسة بعض الجينات وتأثيرها على فيزيولوجية الجسم البشري.
خلايا جذعية دموية
في أواخر شهر نيسان من العام الماضي استطاع علماء أمريكيون باستخدام خلايا جذعية جنينية تكوين كريات دم حمراء في المختبر تحمل صفات الكريات الحمراء الحقيقية الموجودة في الدم وخصائصها وقادرة أيضا على نقل الأكسجين ، مما يعطي أملا قريبا لإمكانية استخدامها عند الحاجة كبديل عن التبرع بالدم.
-----
أمراض الدماغ والخلايا الجذعية
ومن جامعة بروكسل قامت مجموعة من علماء أوروبيين باستخدام خلايا جذعية جنينية وتوجيهها للتمايز إلى خلايا عصبية تحمل خصائص الخلايا العصبية الدماغية ومميزاتها ، مثبتين قدرتها على خلق دوائر عصبية جديدة متصلة بالدماغ المضيف عند زرعها في جماجم فئران مخبرية ، وبذلك قاموا بزرع الأمل في قلوب المصابين بأمراض متلفة للدماغ كالزهايمر والباركنسون وانسداد الأوعية الدماغية بشفاء قريب انشاء الله.
Reduced: 90% of original size [ 440 x 440 ] - Click to view full image
أمل جديد لضمور العضلات
اكتشف عدد من الباحثين الايطاليين مصدرا جديدا للخلايا الجذعية موجودة في الأوعية الدموية يمكن استخدامها في تجديد العضلات ، حيث استخدموا نوعا من فئران التجارب المصابة بصورة من صور مرض ضمور العضلات الذي يتسبب في تدمير العضلات ، وتوصلوا إلى أن خلايا الاوعية الدموية الجذعية المعدلة وراثيا لديها القدرة على تجديد وتوليد انسجة عضلية جديدة لدى الفئران.
وأمل آخر لإصابات العمود الفقري
قام علماء أمريكيون بحقن خلايا جذعية جنينية بشرية في فئران مصابة بالشلل مما ساعدها على الحركة وذلك بأن قامت الخلايا الجذعية البشرية المحقونة بتغطية الخلايا العصبية المدمرة بمركبات مغذية ساعدتها على الحياة وقوة اتصالها بخلايا عصبية أخرى مما ساعدها على الحركة.
وبصيص من نور لمرضى السل
قام جراحون اوربيون في إسبانيا بإجراء أول عملية زراعة قصبة هوائية باستخدام الخلايا الجذعية ، وبأن قاموا بأخذ جزء من قصبة هوائية لمتبرع متوفي حديثا وغسله من كل الخلايا العالقة كي لا يرفضها جسم المريضة ومن ثم غمرت القصبة في محلول مليء بالخلايا الجذعية التي تم أخذها من المريضة نفسها ، وبعد أربعة أيام تم قصها وتحديد حجمها وشكلها المناسبين لجسم المريضة ورئتها ثم زرعها بنجاح في المريضة التي أصبحت قادرة على التنفس بسهولة ويسر.
بنوك الخلايا الجذعية
في عام 1993 شهد العالم ولادة أول بنك عام لتخزين وحدات دم الحبل السري في نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية ويعنى هذا البنك بتقديم خدمات الاحتفاظ بالحبل السري للمواليد من خلال تجميدها لأمكانية استخدامها مستقبلا في معالجة أمراض مثل السرطان والباركنسون. حيث تهدف هذه البنوك إلى معالجة النقص الشديد في كمية الخلايا الجذعية لتلبية الحاجة المتزايدة لها في معالجة الأمراض الخطيرة.
بنك دم الخلايا الجذعية السعودي
وفي عام 2006 تم افتتاح أول بنك دم الحبل السري من نوعه على المستوى المحلي والإقليمي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث بالرياض لتجميع وتخزين وحدات للخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري لغرض زراعتها للمرضى ذوي الأقارب وغير الأقارب المحتاجين لهذا النوع من العلاج الخلوي.
أمل لمرضى القلب
قام البروفوسور المصري مجدي يعقوب أستاذ أمراض القلب في معهد لندن الملكي بتطوير صمام قلب من خلايا جذعية مستخلصة من النخاع العظمي في تجارب أولية على الحيوانات من أجل تطوير خلايا تكون صالحة للاستخدام كصمام لقلب بشري ، وذلك في أول إنجاز فريد من نوعه في العالم مما يفتح المجال لتطوير قلب بشري بشكل كامل وغير اصطناعي .
مصدر جديد للخلايا الجذعية
تمكن باحثون ألمان في اكتوبر عام 2008 من استخلاص خلايا جذعية مشابهة للخلايا الجذعية الجنينية من أنسجة خصى الرجال وتوجيهها لتكوين خلايا عصبية وعظمية وعضلية وجلدية ، وبذلك يمكن علاج العديد من الأمراض كالباركنسون والسكري وإصابات الحبل الشوكي والزهايمر بإستخدام خلايا من نفس المريض دون الخوف من رفض الجهاز المناعي لها ولكن استعمالها محصور في المرضى الذكور فقط.
منعطف جديد ... حلم أم حقيقة
الخلايا الجذعية المحفزة وافرة القدرة
في بحث فريد تقدم به د. جوني هيوارد / مدير معمل التنمر والتطور في مستشفى الأطفال في ببيتسبرج وفريقه أوضح فيه نجاحهم في مضاعفة خلايا جذعية بالغة لعدد من الخلايا يضاهي العدد الذي يصل إليه الباحثون باستخدام الخلايا الجنينية ذات القدرة الوافرة وهذا ما يختلف عن الاعتقاد الشائع قبل ذلك بأن الخلايا البالغة تشيخ وتموت بشكل أسرع من نظيراتها الجنينية.
وفي أواخر عام 2007 أظهرت مجموعة ياماناكا من جامعة كيوتو اليابانية والفرق الأمريكية بقيادة جميس تومسون في جامعة ويسكونسن وجورج ديلي من جامعة هارفارد أن تحفيز أربع من الجينات المتخصصة بالخلايا الجذعية الجنينية في الخلايا الجلدية البشرية يؤدي الى تحولها الى مايشبه الخلايا الجذعية الجنينية وأطلقوا عليها اسم " الخلايا الجذعية المحفزة وافرة القدرة" أو
"IPS cells"
حيث تتميز هذه الخلايا الجذعية المحفزة وافرة القدرة بقدرتها على التحول إلى أي نوع من الخلايا المتخصصة وجعلها تتكاثر إلى ما لانهاية.
للأسف هذه التقنية تتضمن خطر استخدام فيروسات كوسيلة لحمل الجينات الى داخل الخلايا وإثارة عملية إعادة برمجة الخلايا ويمكن هذا أن ينطوي على خطر تحويل الخلايا المحفزة الى خلايا سرطانية . ولكن في أواخر عام 2008 استطاع العلماء تكوين خلايا جذعية محفزة وافرة القدرة من دون استعمال الجينات الورمية أو الفيروس الرجعي مما يجعل استعمال هذه الخلايا المحفزة أكثر أمانا وفعالية وذلك عن طريق استخدام دائرة من الحمض النووي يطلق عليها اسم البلازميد بحيث تحمل الجينات الضرورية لتحويل خلية الجلد مثلا إلى خلية جذعية مستحثة وافرة القدرة وبمرور الوقت تختفي البلازميد بشكل طبيعي من مادة الخلية وهو ماينهي الخطر الذي يشكله استخدام فيروسات يمكنها أن تدخل جينات ضارة الى داخل المادة الجينية للخلايا..
تبشر الخلايا الجذعية المحفزة الوافرة القدرة بالعديد من الفوائد العلاجية المحتملة للخلايا الجذعية الجنينية كبديل لها دون الخوض في الجدل الأخلاقي لأنها على النقيض من الخلايا الجذعية الجنينية فإنها يمكن انتاجها دون الحاجة الى استخدام خلايا ملقحة إضافة إلى أنها تشكل حلا لمشكلة رفض جهاز المناعة للخلايا الجذعية الجنينية الغريبة حيث يمكن استخراج هذه الخلايا البالغة من المريض نفسه.
بشرى لمرضى العقم
ومن احد بشائر هذه الخلايا الجذعية المحفزة الوافرة القدرة تمكن فريق بحث من لوس انجلوس في يناير 2009 كما أعلن في دراسته التي تم نشرها في مجلة الخلايا الجذعية من إعادة برمجة تلك الخلايا المحفزة إلى خلايا لديها القدرة للتطور إلى بويضات وحيوانات منوية بشرية وذلك ضمن أهم الإنجازات العلمية في عالم العقم والتقنيات الحديثة المساعدة على الإنجاب.
يتساءل العلماء الآن إن كان ممكنا في المستقبل حث خلية بالغة متخصصة على التحول إلى نوع آخر مباشرة من دون الحاجة حتى إلى تكوين خلايا جذعية محفزة وافرة القدرة !!!
وهنا يجدر بنا التوقف برهة للتفرقة بين مجالين منفصلين خاصين بعلم الخلايا الجذعية تم الخلط بينهما لعدم الفهم الدقيق لهذا العلم الناشيء ، وهما:
زراعة أنسجة تحوي خليط من الخلايا الجذعية وخلايا نسيجية أخرى ومثال ذلك نخاع العظم و العلاج بالخلايا الجذعية المستخلصة والتي تم تنقيتها وتوجيهها لتكوين أنواع مختلفة من خلايا الجسم تبعا للمرض المراد علاجه
هذا غيض من فيض
بل هذه أولى النجاحات.. والبقية آتية لا محالة
إذن كما نرى على مرمى اليد منا أفق جديد من العلاج يعتمد على الخلايا الجذعية البالغة ويصحبه ربما أفول محتمل للعلاج التقليدي بالأدوية خاصة للأمراض التي لم تجد الأدوية معها نفعا وتتضاءل معه شدة الخلافات المحتدة حول الإستخدامات العلاجية للخلايا الجذعية الجنينية.
فالطريق مازال في بدايته والميدان مفتوح للجميع ...
فمرحبا بأصحاب العقول البناءة
ومن هنا كانت البداية...
بدايةوحدة الخلايا الجذعية بكلية الطب
في مستشفى الملك خالد الجامعي وجامعة الملك سعود / الرياض التي تأسست عام 2007 بعقول بناءة ومجهود وطني فذ ، حيث كانت لها الريادة كأول وحدة متخصصة بأبحاث الخلايا الجذعية في الشرق الأوسط والتي أصبحت تتبوأ مكانة عالمية وخصوصا بعد ارتباطها مع مراكز مشابهة من خلال عقود خدمات ومنها الجامعة الوطنية الأسترالية ومركز أبحاث الخلايا الجذعية في جامعة جنوب الدنمارك والذي تم استقطاب الدكتور مصطفى قاسم منه وهو أول عالم صرح له باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية في التجارب العلاجية من قبل الاتحاد الاوروبي.
ومن الجدير بالذكر التنويه هنا على حصول وحدة الخلايا الجذعية بجامعة الملك سعود على منحة بحثية تقدر بخمسة ملايين يورو من البرنامج الخاص لدعم الأبحاث الطبية والتابع للاتحاد الاوروبي لإجراء دراسة حول استخدام تقنيات النانو لتطوير قدرات الخلايا الجذعية.
ولا ننسى أخيرا التنبيه ان علم الخلايا الجذعية هو علم ناشيء لازال قيد البحث والدراسة ولكي ينتقل من معامل الابحاث الى أسرّة المرضى يحتاج إلى المزيد من البحث والتدقيق لفك شفرة تلك الخلايا والتغلب على خطوات انقساماتها وكبح جماح بعض تغيراتها المنفلتة. فلسنا هنا بصدد منح المرضى والمصابين باعتلالات خطيرة آمالا وهمية ولكننا نسلط الضوء على إمكانيات تلك الخلايا اللا محدودة ومصادرها المتنوعة التي ستقفز بالطب انشاء الله إلى شاطيء من الأمل لحياة أكثر صحة وأقل مرضا.
إن كان هناك درس يمكن تعلمه من الأحداث المدهشة السابقة فهو أن الاكتشافات غالبا ما تنطوي على مفاجآت وتحويل علم الخلايا الجذعية الى طب الخلايا الجذعية هو من المشاريع التي تتطلب إبداعا وصبرا وشراكات وتبادل للمعلومات بين مختلف مراكز الأبحاث على مستوى العالم